وزير المال: عدم مواكبة سيدر بالإصلاحات سيزيدنا ديوناً

وزير المال: عدم مواكبة سيدر بالإصلاحات سيزيدنا ديوناً
وزير المال: عدم مواكبة سيدر بالإصلاحات سيزيدنا ديوناً

افتتح وزير المال علي حسن خليل قبل، ظهر اليوم الأربعاء، المؤتمر الوطني الأوّل لمكافحة التجارة غير المشروعة تحت عنوان "إقتصادك إنت بتحمي"، الذي تنظمه إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي) في مجمع "سيسايد فرونت"- بيروت، في حضور وزير الاعلام ملحم الرياشي ممثلاً بمستشاره أندريه قصاص، ومدراء عامين وشخصيات نيابية وقضائية وأمنية ونقابية وخبراء دوليين ووفود عربية.

وقال وزير المال: "نبتة التبغ لا تتوقف عن التدفق فتعطي ثمّ تزيد ثمّ تمطر في العطاء حتى تدر الكثير من الخير على المشتغلين في رعايتها وعلى المؤسسة المديرة لمسارها نحو السوق وعلى الدولة، ثمّ تعود إلى المواطن مجدّداً في دورة وفاء اعتاد عليها المتعلقون بالتبغ".

وأضاف: "أتينا من أرض الدخان ومن دخان الأرض التي اختلطت فيها التسميات والروائح بالأرض وبيد العامل وبدمه الذي كان ينثره بين الشتول دفاعاً عن أرضه وعن شتلته التي لم ير فيها أقل من حياته".

وتابع إنّ "عطاء إدارة حصر التبغ والتنباك ورئيسها والعاملين فيها، يواكب عطاء الأرض وناس الأرض للوطن والدولة، فهي تصون علاقة المزارعين بدولتهم وتوضب تعبهم ضمن علب تبغ من إنتاجنا الوطني وتعيد هذا التعب إليهم على شكل مردود مالي يساهم في صنع حياتهم".

وعن التجارة غير المشروعة، قال: "إنّه موضوع فائق الأهمية والأثر على حياة الناس، المنتج منهم والمستهلك والعامل ورب العمل وصولا إلى التأثير على كل حياة الدولة، وهناك حاجة ماسة لتنقية الاقتصاد اللبناني من هذا النشاط المؤذي حتى نحميه بأنفسنا".

وأضاف: "لقد ألحقت التجارة غير المشروعة خسائر كبيرة باقتصاديات العالم وتركت آثارا إجتماعية وصحية ونفسية وبيئية خطرة، إذ تطال مع الوقت قطاعات لم تكن تطالها في السابق، ترتفع خطورة ذلك مع مرور الوقت وتوسع قدرة التجار على ولوج السوق غير المشروعة".

وتابع: "ليس من الغريب ولكنه مؤلم أن يطال التزوير والمتاجرة بالمزور قطاع الصحة فيصبح الدواء الحامل آمال الناس بالشفاء، قاتلاً للآمال وللناس معا، فإلى أين ستصل البشرية في ما لو سادت هذه التجارة وخرجت عن قدرتنا على الضبط"؟

وأردف: "هذه القنوات التجارية غير المشروعة أصبحت مجالا نشاطا مضطردا لعصابات الإجرام المنظم للاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية والأعضاء البشرية والممتلكات البشرية الثقافية التي تتضمن كل موروث الانسانية من العلوم وأساليب العيش ومحددات الهوية وأصول الناس والمجتمعات. ولم يقف هذا النشاط عند هذا الحد، فقد طال أيضاً الأسلحة والذخائر وسيكون كارثياً في ما إذا تمكن رواده من تناقل أسلحة الدمار الشامل أو الأسلحة الفتاكة على نطاق واسع. كذلك طال النشاط غير الشرعي الحيوانات ومنها ما بات مهددا بالإنقراض، وكذلك غسيل الأمول وتمويل الإرهاب وشبكات الدعارة والمتاجرة بأملاك الناس ومن خلال الهجرة غير الشرعية حتى وصل الأمر إلى الاتجار بالبشر، كما كان يحصل في العصور الغابرة التي يخجل الإنسان اليوم بممارساتها المخزية في هذا الإطار".

وأكّد أنّ "التهديد الذي تشكله التجارة غير المشروعة اتسع حتى بات يطال مئات الملايين من البشر اليوم، وهو نشاط قاتل بكل ما للكلمة من معنى نظراً إلى أنّه يطال الصحة والسلاح وجودة المنتجات الغذائية"، لافتاً إلى أنّ "خطر هذه التجارة على حياة الناس يفوق خطر معظم الحروب إذا اعتمد معيار المعرضين لهذا الخطر".

وأشار إلى أنّ "التجارة غير المشروعة "تطال كذلك فرص الناس في العمل فتزيد من منسوب البطالة وتودي بضمانات العاملين فيها الذين لا يملكون المطالبة بحقوقهم من رب عمل غير شرعي بل ينشط إجرامياً ويورط معه كل شركائه في الإنتاج"، مشددا على أن "التجارة غير المشروعة تشكل بكل واقعية نشاطا تخريبيا وتؤدّي إلى تراجع العائدات الضريبية للدولة وبالتالي إلى إيذاء ماليتها والتأثير سلباً على مردود التقديمات الإجتماعية المعتمدة منها، ولا يشكل الربح الفردي من خلال تلك التجارة إلّا انعكاساً للطمع".

وأوضح أنّ "الإقتصاد الشرعي هو الوحيد الذي يحمي كل أطراف العملية الاقتصادية، من صاحب العمل إلى العامل ومن المنتج إلى الموزع إلى المستهلك النهائي".

وأبرز أهمية "مواكبة التطور في مكافحة التجارة غير الشرعية بتطوير جهود المكافحة لها على كل المستويات، إن على المستوى الإلكتروني من خلال اعتماد الداتا الإلكترونية وصولاً إلى الدمج الكامل للمعلوماتية الجمركية التي توليها وزارة المال أهمية قصوى واستثنائية من خلال سلسلة تدابير لضبط عملية التهريب، أو من خلال اتفاقات التعاون مع الخارج لتعزيز الضوابط المعتمدة دوليا وتعزيز التعاون الجمركي والأمني وصولاً إلى مشاركة المواطنين أنفسهم في دعم هذه الجهود من خلال عدم التعامل بالمواد المهربة بل رفضها والتبليغ عنها وعن الناشطين فيها".

وشدّد على أنّ "تأثير التهريب والتجارة غير المشروعة والتهرب الضريبي والفساد أحد أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد اللبناني وإعادة الانتظام إلى المالية العامة من خلال سد الفجوة القائمة في الإيرادات الضريبية والذي لا يحصل إلّا بضبط حقيقي ومسؤول وبآليات متطورة لكل أشكال التهريب والتهرب الضريبي".

وقال: "نحن في واقع مالي مأزوم يفترض بنا على مستوى الدولة إعادة النظر بكل الواقع على المستوى التشريعي والتنفيذي ورسم الآليات الضرورية لضبط هذه التجارة غير المشروعة والتهريب والفساد الإداري والمالي بكل أوجهه وعلى كل مستوياته لكي يستقيم وضع اقتصادنا وماليتنا ونعيد الثقة إلى الدولة ومؤسساتها".

وقال: "في هذا السياق، نشهد على تأكيد إعادة الانتظام للمالية العامة من خلال إقرار الموازنة العامة الجديدة لعام 2018 والتي تشكل اليوم رسالة إيجابية لكل الناس على مستوى الداخل والخارج بأن الحياة انتظمت على المستوى المالي الحكومي من خلال هذه الموازنة، والتي حاولنا قدر الإمكان واستطعنا أنْ نجعلها موازنة متوازنة على صعيد إعادة ضبط العجز من خلال تخفيف النفقات وزيادة الواردات وإقرار جملة من الإجراءات الإصلاحية الضرورية ولكنها غير كافية والتي وضعت على السكة من أجل أن تتطور وتتحول في السنوات المقبلة إلى مسار عمل تعتمده الحكومات في عملها على كلّ المستويات".

وتابع: "ننتقل بعد أيّام قليلة على مستوى الدولة إلى باريس لحضور مؤتمر سيدر لدعم الاستثمارات في لبنان والذي نواكبه بكل إيجابية ومسؤولية وواقعية لنجعل منه محطة ننتقل منها نحو واقع أفضل، لا محطة تغيب عن مواكبتها الإصلاحات فتزيدنا أعباء وديونا من دون أن نخرج من المسار المظلم الذي نعيش فيه على مستوى المديونية العامة. هذه المديونية أصبحت تشكل عبئا أساسياً علينا يفرض إعادة النظر من خلال هيكلة الدين العام وإدارته بالطريقة الصحيحة والموجهة لنصبح في مسار المعالجة الحقيقية لواقع ماليتنا العامة".

وأردف: "ما نلتقي عليه اليوم في هذا المؤتمر هو جزء أساسي من مسار إعادة الانتظام هذه من خلال ضبط التهريب والتجارة غير المشروعة التي سترفد الخزينة بالتأكيد بموارد إضافية، بما يخفف العجز ويكبر حجم اقتصادنا الوطني وناتجنا القومي حتى يصبح ديننا العام متوازناً بنسبته مع تطور الناتج المحلي من جهة بما يخفف من عجز الموازنة العامة ويدخلنا في المسار الصحيح". وختم مؤكّداً "الإلتزام كوزارة وكحكومة، بجعل توصياته ورقة عمل في المرحلة المقبلة لمواجهة هذه الآفة".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بوريل: لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة لبنانية