سُدّت كلّ الأبواب في وجه ذاك الشاب العشريني، فبعدما فشل في إكمال العلاج من الإدمان على المخدّرات، وأصبح مرفوضاً من قبل أفراد عائلته، طرق باب أحد رجال الدين علّه يجد لديه الملاذ الآمن. تعاطف "الأب" مع قصّة من قصده فأسكنه مع والدته في نفس المنزل. مضت سنتان و"روي" يلقى كلّ الإهتمام من والدة الأب "هاني" ومنه شخصيا قبل أن يقع ما لم يكن بالحسبان. الوالدة "مريم" جثّة هامدة و"روي" في قبضة رجال المخابرات.
هي حادثة وقعت منذ قرابة سنتين وقد صدر فيها مؤخّراً حكم قضائي عن محكمة الجنايات فصّلت سطوره الوقائع التالية :
في 20 كانون الثاني من العام 2015، ورد إتصال هاتفي من مستشفى سيدة المعونات في جبيل، الى مخفر درك جبيل مفاده إدخال السيدة "مريم.ط" إليه من جراء إصابتها بجرح بليغ في جمجمة الرأس أدى إلى وفاتها. انتقلت دورية من المخفر المذكور إلى المستشفى والتقت أحد أبنائها الأب "هاني.ط" الذي رجّح فرضية تعرض والدته للضرب من قبل "روي.ب.ط" بواسطة آلة حادّة مضيفاً بأنّ الأخير يعاني من اضطرابات نفسية وهو مدمن على تعاطي المخدّرات وقد سمح له بالسكن مع والدته منذ فترة من الزمن.
في اليوم نفسه أوقفت دورية من مخابرات الجيش اللبناني القاتل "روي" (مواليد 1990) في محلّة جسر الدورة، وبالتحقيق معه أفاد أنّه خضع لعلاج للتخلّص من الإدمان على المخدّرات لدى مؤسسة "قرية الإنسان" وغادر المؤسسة من دون إتمام العلاج وراح يتعاطى مجدّدا، وأنّه عاد والتحق بجمعية "أمّ النور" ومكث هناك حوالي السنة وقرّر تركها بسبب صرامة النظام والرقابة المشدّدة.
في تلك الفترة إتّصل "روي" بالأب "هاني.ط" لمساعدته لأن لا مكان آخر يقصده، كونه غير مرغوب فيه في رحاب عائلته. بالفعل مكث الشاب بناء لموافقة الأب المذكور في منزل والدة الأخير لمدّة سنتين (حتى تاريخ حصول الجريمة)، كان أثناءها يتوجه إلى محلّة المارينا من أجل احتساء الكحول حتّى أصبح مدمناً عليها .
المتهم أكّد انّه قبل الحادث بشهرين بدأ يسمع أصواتاً غريبة في داخله تحرّضه على الإنتحار. وأضاف أنّه يوم الجريمة، استفاق من نومه حوالي الساعة التاسعة صباحاً وتلاسن مع السيدة "مريم" التي راحت تصرخ بوجهه طالبة منه مغادرة شقّتها. شعر المتهم بألمٍ شديد في رأسه فصعد إلى الطابق العلوي حيث منزل الأب "هاني.ط" وطلب من زوجة الأخير مبلغاً من المال، فاستمهلته ريثما يحضر زوجها ويعمل على حلّ الموضوع مع الوالدة.
عاد الشاب إلى شقة الوالدة مجدّداً ولمّا عاودت شتمه، أسرع إلى الحديقة وأحضر معولاً كان يعرف مكانه، ثم صعد الى البيت ودخل غرفة نوم الوالدة ودفعها بيده حيث سقطت أرضاً، وعاجلها بضربة بالمعول على رأسها ثمّ بضربتين على جسدها، ورمى أداة الجريمة في الغرفة وهرب نحو الأوتوستراد الساحلي ومنه إلى جسر الدورة حيث سلّم نفسه الى الجيش اللبناني.
الجاني قال أنّه كان بحالة عصبية وقت ارتكابه الجريمة وأنّه احتسى الكحول ليلتها، مشيراً إلى أنّ السبب الذي دفعه إلى قتل المجني عليها هو سوء معاملته لها ولكونها كانت تشتم والدته التي قُتلت على يد والده عندما كان صغيراً ما ادى إلى انتقاله للعيش في ميتم في تلك الفترة.
محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي محمّد بدران أنزلت عقوبة الأشغال الشاقة مدّة 15 عاماً بالمتهم مع حفظ حق المدعي بالمطالبة بحقوقه الشخصية أمام المحاكم المختصّة.