أخبار عاجلة
تراجع العقود الآجلة للنفط -

افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الثلاثاء 30 كانون الثاني 2018

افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الثلاثاء 30 كانون الثاني 2018
افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الثلاثاء 30 كانون الثاني 2018

صحيفة النهار:
‎انفجار الاحتقان هدّد بانزلاق إلى فتنة‎ !‎

من غير الجائز والمقبول ان يستفيق اللبنانيون اليوم وكأن شيئا لم يحصل أمس، ذلك أن مقتضيات التوازن السلبي ‏السياسي والطائفي ستملي طي صفحة يوم كادت فيه فتنة تلامس استقرار البلاد قولا وفعلا ثم تعود الدوامة الى ‏الدوران في "أزمة الرئيسين". ما جرى البارحة لا يقل عن زج البلاد في متاهة هستيرية بدأت بحرب على مواقع ‏التواصل الاجتماعي، ولكنها سرعان ما انزلقت الى شبح مشروع فتنة في الشارع لا يمكن تجاهل خطورتها ‏واحتمال تكرارها ما لم يرتق المعنيون بمعالجتها جذريا الى مستوى تجنيب البلاد مزيداً من هذا القهر والتدهور ‏والهبوط المقلق في التعبير والخطاب السياسيين‎.‎ 

لم يخطر ببال أي من اللبنانيين ان تنزلق "فتنة البلطجة" أو "فتنة الفيديو" الحامل أوصافا مقذعة في حق رئيس ‏مجلس النواب نبيه بري اطلقها وزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل في لقاء حزبي انتخابي ‏موسع في محمرش بمنطقة البترون، الى الشارع على نحو هدد فعلا باشعال فتنة لولا مسارعة الجيش الى اتخاذ ما ‏يلزم من اجراءات حالت دون "اشتباك" مناصري "امل" و"التيار الوطني الحر" حول مركز التيار في سنتر ‏ميرنا الشالوحي بسن الفيل. واذا كانت المخاوف تركزت خصوصا على المواجهة التي حصلت أمام هذا المركز ‏الاساسي فان ذلك لم يحجب الدلالات الخطيرة للانتشار الواسع لأنصار "امل" في بيروت والضواحي بلوغا الى ‏مناطق في الجنوب والبقاعين الأوسط والشمالي في فائض غضب على الفيديو المسرب عن كلام باسيل ‏وخصوصاً وصفه رئيس المجلس بأنه "بلطجي" علما ان فيديو آخر سرّب أمس توعد فيه باسيل بانه "سيكسر ‏رأس بري‎".‎
وبين فعل ورد فعل أكبر اشتعلت الحرب الكلامية الشعواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي بحيث احصيت أكثر ‏من 25 الف تغريدة رد على باسيل من "الجيش الالكتروني" لحركة "أمل " سقط معها التمييز بين باسيل ورئيس ‏الجمهورية العماد ميشال عون الذي صار بدوره هدف الردود الحادة والعنيفة والتي بدا معها واضحا ان الموجة ‏تجأوزت المتوقع في الردود وأطاحت كل الموانع وهو الامر الذي ترجم في مناطق عدة حيث أزال مناصرون ‏لـ"أمل" صوراً لرئيس الجمهورية، كما رفعت لافتات انزلقت بدورها الى تعابير مقذعة‎.‎ 

لكن دلالات البعد السياسي لهذه المواجهة لم تقل خطورة عن بعدها الحزبي والشعبي، اذ سرعان ما اتخذت الردود ‏على باسيل طابع تعبئة واسعة حتى من اقرب حلفاء العهد وسيده أي "حزب الله" الذي بارح موقع الحياد في هذا ‏التطور ووقف الى جانب رئيس المجلس تماماً . ورفض الحزب "رفضاً قاطعاً الكلام الذي تعرض بالاساءة " الى ‏الرئيس بري معتبرا ان "هذه اللغة لا تبني دولة ولا تأتي بالاصلاح بل تخلق مزيدا من الازمات وتفرق الصف ‏وتأخذ البلد الى مخاطر هو بغنى عنها ". كما ذهب المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الى "تحميل العهد تبعة هذا ‏النهج المستنكر والمدان" وطالبه باعادة الامور الى نصابها "ووضع حد لهذا الاستهتار واللامسؤولية في ادارة ‏شؤون الدولة‎". 

الحريري
وفيما برزت دعوتان وجههما الوزيران نهاد المشنوق ويوسف فنيانوس عقب زيارتيهما للرئيس بري الى الوزير ‏باسيل للاعتذار من اللبنانيين عن كلامه، قال رئيس الوزراء "إنه لأمر محزن جداً أن يتداعى ‏الخطاب السياسي إلى المستويات التي بلغها في الساعات الأخيرة، ومن المؤسف والمحزن أيضاً أن تنعكس أصداء ‏هذا الخطاب على الشارع، وعلى وسائل التخاطب والتواصل الاجتماعي، بصورة لا يتمناها أي لبناني يراهن على ‏سلامة البلد واستقراره‎".‎ 

واضاف: "إن كرامة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وكرامة دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ‏هي من كرامة جميع اللبنانيين أفراداً ومجموعات وطوائف، وإن الإساءة لأي منهما، بأي عبارة أو خطاب أو ‏تصريح، هي إساءة لنا ولمؤسساتنا وطوائفنا، وسلوك مشين ومرفوض يجب أن يتوقف". وناشد "جميع المعنيين ‏العمل على تجأوز تلك العاصفة التي هبت على البلد وتدارك تداعياتها، خصوصاً أن التحديات التي تواجهنا هي ‏أخطر بما لا يقاس من العنف اللفظي الذي نشهده‎".‎ 

كذلك رأى رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط ان "الكلام المسرّب عن لسان وزير الخارجية بحق ‏رئيس مجلس النواب نبيه بري مستنكر وغير لائق ولا يتماشى مع طبيعة العلاقات السياسية الداخلية حتى لو كان ‏من موقع الخلاف في وجهات النظر". ودعا الى "تصحيح هذه الإهانة المرفوضة من خلال موقف واضح ‏وصريح يعيد الأمور إلى نصابها وينفس الإحتقان في الشارع ويؤسس لمرحلة جديدة تحمي الإستقرار الداخلي ‏ويحول دون تمزيق لبنان المغترب ما يترك تداعيات في غاية السلبية‎".‎ 

وعلمت "النهار" ان الرئيس الحريري الذي زار الرئيس عون أمس، باشر مبادرة معينة. لكن دوائر القصر ‏الجمهوري لزمت الصمت المطبق وعدم التعليق على الحملات على رئيس الجمهورية ولا على موضوع باسيل‎.‎

وكان الجواب بأن أي موقف لم ولن يصدر عنها، ليس لأن رئاسة الجمهورية ليس لديها ما تقوله، بل لأنها لا تريد ‏الكلام، بل تفسح في المجال للمبادرات لتأخذ مداها وتحقق أهدافها بالتهدئة وبعدم الانجرار في ما يجري، رغم ‏الحملات التي تعرض لها رئيس الجمهورية واستهدفته شخصياً‎.‎ 

وفيما كان وزير الداخلية في عين التينة يلتقي بري ويعلن بعد اللقاء أنه مكلّف القيام بالزيارة، كان مدير مكتب ‏الرئيس الحريري نادر الحريري في وزارة المال للقاء وزير المال علي حسن خليل. إلا أن نادر الحريري نفى ان ‏تكون لزيارته علاقة بأي مسعى، ومَيَّزَ بين أزمة المرسوم التي رأى ان "لا حلّ لها"، والازمة الاخيرة المتمثّلة ‏بكلام باسيل "ولا بدّ من ان تجد طريقها الى المعالجة انطلاقاً من حرص الجميع على البلد واستقراره"، على حد ‏تعبيره. واستبعد ان يتأثر الوضع الحكومي بما بلغته الازمة‎.‎ 

واستبعد خليل أي تأثير للموقف على الحكومة، مؤكدا الاستمرار فيها، الا انه لم يخف "ان ما وصلت اليه الامور ‏أكبر من موضوع الحكومة وأخطر". ولاحظ ان "اعتذار الوزير باسيل امام الرأي العام من كل اللبنانيين يمكن ان ‏يكون مقدمة لأي حل، حتى وان لم نكن نطالبه بأي شيء‎".‎ 

وأكد "ان ما جرى لن يؤثر على الانتخابات النيابية، فهي حاصلة. واذا كانت لديهم نية التأثير على اجرائها، ‏فنطمئنهم الى أننا حريصون على إجرائها في وقتها، وهذا ما سيحصل‎".‎ 

قداس 9 شباط
وسط هذه الاجواء، ملف رئيس المجلس الماروني الوزير السابق وديع الخازن على ما ورد في "النهار" عن ‏اعتذار الرئيس بري عن حضور القداس الالهي في مناسبة عيد مارون في 9 شباط المقبل ان "دولته لم يبلغني مثل ‏هذا الاعتذار أو خلافه". وقال "يبقى ان دولة الرئيس بري الحريص على احترام المناسبات ذات الطابع الروحي ‏والوطني هو الادرى بما يتخذه في نهاية المطاف في هذا الشأن ولنا ملء الثقة بحكمته وقراره‎".‎

صحيفة المستقبل:
 انزلاق خلاف "أمل الحر" إلى الشارع.. و"حزب الله" يتضامن "شكلاً ومضموناً" مع بري الحريري لاحتواء "العاصفة": الأولوية للاستقرار

تزامن سريالي مؤسف شهده البلد أمس بين صورتين، الأولى مشرقة تكرّس عودته إلى واجهة الاستقطاب الدولي والعالمي مع زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس ألماني إلى لبنان منوهاً بـ"التعايش والاستقرار"، والثانية سوداوية تناقض الأولى على وقع احتدام "الحريق الكلامي في المواقع والنفوس" بين مناصري كل من "حركة أمل" و"التيار الوطني" وانزلاق أصدائه الملتهبة إلى الشارع حيث هبت "عاصفة" من الاحتجاجات الميدانية في بيروت والمناطق رداً على وصف رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ"البلطجي"، لتتسارع وتيرة الأحداث وتحتدم حدة الخلاف والشتائم بين مناصري الجانبين بمختلف الأعيرة اللفظية على وسائل التواصل الاجتماعي. وأمام هذا المشهد، عبّر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بمزيد من الأسى والحزن عن أسفه لتداعي الخطاب الوطني إلى هذا الدرك، داعياً إلى "تجاوز العاصفة" ومشدداً على كون كرامة رئيسي الجمهورية ومجلس النواب "من كرامة جميع اللبنانيين"، وسط تأكيده على كون الأولوية هي لتمتين "الاستقرار" في البلد. 

وجاء في بيان الحريري: "إنه لأمر محزن جداً أن يتداعى الخطاب السياسي إلى المستويات التي بلغها في الساعات الأخيرة، ومن المؤسف والمحزن أيضاً أن تنعكس أصداء هذا الخطاب على الشارع، وعلى وسائل التخاطب والتواصل الاجتماعي، بصورة لا يتمناها أي لبناني يراهن على سلامة البلد واستقراره"، مضيفاً: "إن كرامة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وكرامة دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، هي من كرامة جميع اللبنانيين أفراداً ومجموعات وطوائف، وإن الإساءة لأي منهما، بأي عبارة أو خطاب أو تصريح، هي إساءة لنا ولمؤسساتنا وطوائفنا، وسلوك مشين ومرفوض يجب أن يتوقف"، مناشداً "كافة المعنيين العمل على تجاوز تلك العاصفة التي هبت على البلد وتدارك تداعياتها، خصوصاً وأن التحديات التي تواجهنا هي أخطر بما لا يقاس من العنف اللفظي الذي نشهده"، وختم: "إستقرار لبنان يجب أن يتقدم على أي أمر آخر، وثقتي كبيرة بوجود قيادات حكيمة بوزن فخامة الرئيس ودولة الرئيس، نستطيع أن نتحمّل إلى جانبها مسؤولية دفع الأخطار عن بلادنا وإخماد الحريق الكلامي الذي تشتعل به المواقع والنفوس". 

وكان رئيس مجلس الوزراء، قد أكد من قصر بعبدا إثر اجتماعه برئيس الجمهورية صباحاً، أنه ستكون له "مبادرة لتهدئة الأجواء"، مشدداً على أنّ لبنان "ليس بحاجة لا إلى تصعيد ولا الى تأزيم"، وأردف: "أهدافنا جميعاً، فخامة الرئيس ودولة الرئيس بري وأنا شخصياً، أن ندير هذا البلد بأفضل طريقة لما فيه مصلحة المواطنين". 

وفي وقائع يوم التوترات الميدانية الطويل أمس، أنّ مناصري "حركة أمل" هبّوا إلى قطع عدد من الشوارع في بيروت والمناطق خلال ساعات النهار احتجاجاً على كلام باسيل تأييداً لمطالبة رئيس "التيار الوطني الحر" بـ"الاعتذار من جميع اللبنانيين" جراء الإهانة اللفظية التي قالها بحق بري خلال اجتماع حزبي في البترون.. وسرعان ما تمددت التحركات في الشارع ليلاً وصولاً إلى إقدام مناصري "أمل" على التجمهر قرب مقر عام "التيار الوطني" في ميرنا الشالوحي حيث ساد هرج ومرج في المحلة قبل أن تحضر القوى العسكرية والأمنية وتفرض طوقاً حول المكان للفصل بين الجانبين. علماً أنّ باسيل زار المقر ليلاً واجتمع مع أعضاء المكتب السياسي في "التيار الوطني" للتشاور في المستجدات. 

"حزب الله" يندد بكلام باسيل 
في الغضون، لفتت الانتباه حملات مناطقية شملت الضاحية الجنوبية لبيروت وعدد من الأحياء المتاخمة في العاصمة وصولاً إلى بلدات في الجنوب، عمد خلالها مناصرو "أمل" على نزع صور رئيس الجمهورية ورفع صور لرئيس مجلس النواب مكانها، في وقت لفت الانتباه على شريط المواقف السياسية المنددة بكلام باسيل البيان الصادر عن "حزب الله" الذي عبّر من خلاله عن انحياز مطلق إلى جانب بري وتضامنه الكامل "شكلاً ومضموناً" معه في مواجهة تعرّض رئيس "التيار الوطني الحر" بالإساءة إلى "دولة رئيس مجلس النواب الأخ الأستاذ نبيه بري" حسبما جاء في بيان "حزب الله" مع تشديده على كون "هذه اللغة (التي استخدمها باسيل) لا تبني دولة ولا تأتي بإصلاح". 

عون يتريث 
أما في ما يتعلق بموقف عون من مستجدات الأحداث، فأوضحت مصادر قصر بعبدا لـ"المستقبل" أنّ "رئيس الجمهورية لن يُصدر أي تعليق حول ردة فعل مناصري الرئيس بري على كلام الوزير باسيل إلى أن تهدأ النفوس"، نافيةً في هذا الإطار أن تكون بعبدا قد شهدت "أي مبادرات أو تحركات رسمية باتجاه عين التينة". 

.. وبري مصرّ على "الاعتذار" 
وعلى الضفة المقابلة، نقلت مصادر عين التينة لـ"المستقبل" أنّ رئيس مجلس النواب يعمل على تخفيف حدة الاحتقان الشعبي رداً على الإساءة التي تعرض لها من قبل وزير الخارجية، لكنه "لن يقبل بأقل من تقديم باسيل اعتذار علني من جميع اللبنانيين جراء إقدامه على هذه الإساءة بحق مقام الرئاسة الثانية وبحق شخص الرئيس بري بما يمثل على المستوى الوطني وبمن يمثل على المستوى الطائفي في البلد". 

المشنوق في عين التينة 
توازياً، برزت زيارة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق موفداً من رئيس الحكومة إلى عين التينة حيث عبّر إثر لقائه رئيس المجلس النيابي عن تأييده مطلب "الاعتذار للبنانيين"، وقال: "الوزير باسيل يجب ألا تنقصه أبدا الشجاعة لقول هذا الكلام بل على العكس هذا يجعله يكبر في عيون اللبنانيين". 

وكان المشنوق قد تابع مجريات التحركات الشعبية والحزبية في عدد من أحياء بيروت وبعض البلدات اللبنانية، وبقي على تواصل مع القيادات الأمنية وأعطى تعليماته إلى قوى الأمن الداخلي للسهر على ضمان الأمن والسلامة العامة للأشخاص والممتلكات ومنع الاعتداء على أي من المراكز الحزبية فضلاً عن تأمين فتح الطرقات. 

تغريدة روكز 
وتزامناً، لفتت الانتباه تغريدة "التقدير والاحترام" التي دوّنها صهر رئيس الجمهورية العميد المتقاعد شامل روكز على صفحته على موقع "تويتر" في معرض التنويه برئيس المجلس النيابي، قائلاً: "إن لم نستطع أن نتحالف فعلينا أن نتعاون، وإن لم نستطع أن نتعاون فعلينا أن نتبادل الاحترام. نكنّ كل الاحترام والتقدير لشريكنا في الوطن دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري". 

صحيفة اللواء:
تضامن وطني مع برّي وإدانة إساءة باسيل‎ إحتواء التحرُّكات في الشوارع.. واهتزاز تفاهم عون نصرالله

في ساعات ما بعد الظهر، ومع هبوط الليل الداكن، على العاصمة الحزينة، التي تتطلع ببعض من "نور" حول ‏معجزات تُعيد تحريك الأوضاع الاقتصادية المتهاوية، كادت الشوارع تلتهب، وكاد الفيديو المسرَّب عن لسان ‏رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يشعل عود الثقاب، لكن التضامن الوطني العارم مع الرئيس برّي وعدم ‏التردد بإدانة إساءة باسيل له، جعلت الموقف قابلاً للاحتواء في الشوارع‎. 

المسألة، أبعد من انتخابات انها مسألة من يحكم البلد: شراكة الطائف أو إعادة التموضع والالتفاف على إصلاحات ‏وثيقة الوفاق الوطني التي أقرّت في مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية في خريف عام 1989‏‎. 

منذ منتصف ليل الأحد - الاثنين، سرى التسجيل التالي عن لسان باسيل، بحق الرئيس بري: "كل هذه البرعطة ‏لنبيه برّي لأنه فهم انه لم يعد يستفيد منا في الدولة، ولا في الاغتراب… تخيلوا ان هناك واحد يضع يده على ‏السلطة التشريعية مثل ما يريد"، وقال رداً على سؤال "حلتها مع برّي نحنا نكسرلو راسو ومش هوي يكسرلنا ‏راسنا‎". 

مثل هذا الكلام تفاعل بقوة ولم تفلح الاتصالات لا الرسمية ولا الحزبية في تدارك الوضع، ولم يكن من السهل على ‏أحد ان يبلع كلام باسيل، الذي قيل في لقاء حزبي انتخابي، فبعد سلسلة المواقف الوطنية التضامنية مع الرئيس ‏برّي، والاستنكار الذي لا لبس فيه لإساءة باسيل "الموصوفة" والتي تقتضي تحرّك القضاء لمساءلته، في ضوء ‏ما آلت إليه "إساءته الثابتة" في فيديو‎. 

وبعد زيارة صباحية إلى قصر بعبدا حيث التقى الرئيس ميشال عون، أوفد رئيس الحكومة وزير الداخلية ‏والبلديات نهاد المشنوق إلى عين التينة، مناشداً الوزير باسيل الاعتذار برسالة موجهة مباشرة إلى اللبنانيين، وهو ‏الأمر الذي طالبه به وزير المردة بعد زيارة عين التينة يوسف فنيانوس‎. 

وعبرت حركة الشارع من مار الياس إلى الطيونة إلى ميرنا شالوحي، تنذر بتصعيد لطالما لم يظهر في ساحات ‏المدينة ومربعاتها منذ ربع قرن، وسط أسئلة غاية في التعقيد والحراجة حول التداعيات التي كان في أوّلها اطاحة ‏اجتماع مجلس الدفاع الأعلى، الذي يتعين ان يحضره أيضاً وزير المال علي حسن خليل فضلاً عن احتمال تأجيل ‏جلسة مجلس الوزراء‎. 

وسياسياً، يشهد تفاهم معراب الذي وقعه الرئيس عون والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في شباط ‏‏2006 أوّل اهتزاز من هذا العيار، حيث قال الحزب في بيان: نرفض رفضاً قاطعاً الكلام الذي تعرض بالإساءة ‏إلى الرئيس برّي شكلاً ومضموناً، ونرفض الإساءة له من أي طرف كان‎. 
وانتقد بيان الحزب ما وصفه "باللغة التي لا تبني دولة ولا تأتي بإصلاح بل تخلق مزيداً من الأزمات وتأخذ البلد ‏إلى مخاطر هو بغنى عنها‎". 
ودعا الحزب إلى المسارعة "بمعالجة هذا الوضع بأعلى درجة من الحكمة، والمسؤولية‎". 

وبصرف النظر عن تحريك وزير العدل سليم جريصاتي النيابة العامة العسكرية لملاحقة مطلقي النار في ميرنا ‏شالوحي، مع نفي حركة "أمل" ان يكون عناصرها قد أطلقوا النار باتجاه مركز التيار في المنطقة، فإن مصدراً ‏سياسياً قريباً من برّي قال ان العلاقات بين بعبدا وعين التينة مفتوحة على كل الاحتمالات إلى حدّ شل البلد.. ‏مستبعداً أي خطر على السلم الأهلي، فلن نسمح بإعادة الفوضى، قال المصدر المقرب‎. 
وقرابة التاسعة، وصل الوزير باسيل إلى مقر التيار في ميرنا شالوحي في سن الفيل، وسط هتافات، تستعيد "بالدم ‏بالروح" ولكن في الجهة المقابلة من بيروت (شرق العاصمة) بعدما نسي اللبنانيون هذه التسميات‎. 
ولم يدلِ باسيل بأي تصريح، لكن بياناً صدر عن تياره دعا من جديد إلى عدم القيام بأي ردّات فعل وترك معالجة ‏الأمر للقوى الأمنية‎.‎ 

لا اخبار طيبة‎ 
ومع ان اخبار المساء حملت انباء طيبة، مفادها حصول لقاء رباعي جمع الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر ‏الله والوزير جبران باسيل في حضور مسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا والمعاون السياسي للأمين العام ‏الحاج حسين خليل، الا ان نفي مصدر قيادي في الحزب لاخبار هذا اللقاء، بدّد الآمال التي علقت على احتمال ‏دخول الحزب على خط الوساطة بين عين التينة و"التيار الوطني الحر"، رغم ان الحزب أعلن في بيان رفضه ‏القاطع للكلام الذي تعرض بالإساءة إلى الرئيس نبيه برّي شكلاً ومضموناً، ورفضه الإساءة له من أي طرف ‏كان، مؤكداً تقديره العالي واحترامه الكبير لشخص ومقام الرئيس برّي، معتبراً أن اللغة التي استخدمها وزير ‏الخارجية في الفيديو المسرب لا تبني دولة ولا تأتي بإصلاح، بل تخلق المزيد من الأزمات، داعياً إلى المسارعة ‏بمعالجة هذا الوضع القائم بأعلى درجة من الحكمة والمسؤولية‎. 

وكانت معلومات ترددت ان الحزب أجرى اتصالات من أجل تطويق ردود الفعل التي انفجرت في الشارع، الا ان ‏مصدراً قيادياً مسؤولاً في الحزب اكد انه لم يقم بأي اتصالات نظراً لصعوبة التوصّل إلى حل في ظل التوتر ‏والتصعيد الحاصل، علماً ان الحزب يعتبر برّي من الخطوط الحمر الممنوع على أي جهة تجاوزها أو المس بها، ‏ومن المعيب في مفهومه ان يتم التخاطب السياسي والتعبير عن الرأي بهذه اللغة المسيئة وغير المقبولة‎. 

ومهما كان من أمر، فإن الاشتباك السياسي بين بعبدا وعين التينة اتخذ أمس منحى خطيراً، بعد تسريب مقطع فيديو ‏لرئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية باسيل هاجم فيه الرئيس برّي ووصفه "بالبلطجي" بعد أقل من ‏بضع ساعات من إعلان رئيس المجلس التزامه بالتهدئة الإعلامية ووقف النار الإعلامي، وزاد باسيل على هذا ‏الوصف المسيء بإطلاق كلام جديد وفي فيديو اخر يقول به ان "رأس الرئيس برّي لازم ينكسر مش راسنا"، ‏الأمر الذي أدى إلى انفجار الصراع بين الرئاستين في الشارع، وعمد مناصرو حركة "أمل" إلى قطع الطرقات ‏بإحراق الدواليب المشتعلة في عدد من شوارع العاصمة والضاحية والمناطق اللبنانية، وترددت معلومات عن ‏إحراق مكاتب "التيار الوطني الحر" في مار الياس، فيما "هاجم" آخرون مركز التيار في "الميرنا شالوحي" في ‏سن الفيل، وقطعوا الطريق امامه، وحصل إطلاق نار قبل ان يتدخل الجيش لفض الاشكال وفتح الطريق‎. 

ونفى المكتب الإعلامي المركزي لحركة "امل" خبر إطلاق النار على مركز ميرنا الشالوحي، مؤكدا ان القوى ‏الأمنية والجيش يعرفون من أطلق النار، وان الحركة ترفض التعرّض لأي مقر حزبي، في حين اتهم "التيار" ‏عناصر "امل" بالهجوم على مقر عام التيار ورشقه بالحجارة وإطلاق النار، مما اضطر عناصر حماية المقر ‏للدفاع عن أنفسهم، ودعا مناصريه إلى عدم القيام بأي ردّات فعل في أي مكان وترك معالجة الأمر للقوى الأمنية ‏فقط‎.‎ 

عين التنية‎ 
اما عين التينة، فقد استقطبت أمس، لقاءات واتصالات مكثفة تمحورت في مجملها على التضامن مع الرئيس برّي ‏واستنكار ما تفوه به الوزير باسيل بحق رئيس المجلس‎. 
وكان لافتا في السياق زيارة لوزير الاشغال يوسف فنيانوس موفدا من رئيس المردة النائب سليمان فرنجية معلنا ‏وقوفه إلى جانب برّي الذي استقبل بعد ذلك وزير الداخلية نهاد المشنوق مناشدا ما وصفه "بالهدوء الوطني ‏للرئيس برّي ومسؤوليته الوطنية عن كل اللبنانيين والترفع فوق الصغائر وعدم السماح لكلمات خاطئة بأن تتسبب ‏بأي توتر في البلد‎". 
ورأى ان الكلام الذي صدر يجب ان يتم الرد عليه باعتذار للبنانيين، والوزير باسيل يجب ان لا تنقصه الشجاعة ‏لقول هذا الكلام‎. 

وتلقى الرئيس برّي اتصالا هاتفيا من الرئيس نجيب ميقاتي وآخر من الرئيس تمام سلام وثالثاً من رئيس اللقاء ‏الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي شدّد في تصريح له على ان الكلام المسرب من باسيل مستنكر وغير لائق ولا ‏يتماشى مع طبيعة العلاقات السياسية الداخلية حتى لو كان من موقع الخلاف في وجهات النظر‎. 

‎وفي حين رفضت مصادر باسيل التعليق لـ"اللواء" على تطورات الازمة المستجدة والمطلوب لمعالجتها، ‏قالت مصادر قيادية في حركة "امل" لـ"اللواء" عن المطلوب لمعالجة الازمة: "لسنا نحن من اوقع جبران باسيل ‏في هذا الموقف والوضع، هو أوقع نفسه به وهو المسؤول عن ايجاد مخرج لنفسه منه، نحن قلنا ما عندنا، والناس ‏قالت كلمتها سواء في الشارع او في عين التينة، ولسنا نحن المسؤولين عن عدم فوز باسيل في انتخابات البترون ‏مرتين. هو لم يترك للتيار ولنفسه صاحب واستعدى الجميع، ويورط العهد ايضا، هل هكذا وجه الدبلوماسية في ‏لبنان؟‎". 

واكدت مصادر "امل" انها ليست من طلب من الناس قطع الطرقات، وان قيادات الحركة في كل المناطق تلقت ‏عشرات الاتصالات والبيانات التي تستنكر ما قاله باسيل، وقالت:نحن عملنا على تهدئة الناس حتى لا تتطور ‏الامور اكثر في الشارع‎. 

وفي ردود الفعل، أكد وزير المال علي حسن خليل في تصريح لقناة‎ "NBN" ‎أنه "اذا كان الهدف من وراء ما ‏حصل هو تعطيل الانتخابات فنطمئنكم أنها حاصلة بموعدها"، وقال:اننا لسنا من يطالب رئيس "التيار الوطني ‏الحر" جبران باسيل بالاعتذار، ولكن اذا أراد ذلك فليكن امام اللبنانيين وكل العالم‎. 

واضاف: أن شد العصب الانتخابي لا يكون بالتحريض فالناس أوعى من التصديق‎. 
وإعتبرت هيئة الرئاسة في حركة "أمل" أن "ما جرى تداوله من كلام صادر عن رئيس "التيار الوطني الحر‎" ‎يحمل ابعادا خطيرة تهدد وحدة البلد واستقراره وامنه"، مشيرةً إلى أن "كلام باسيل دعوة مفتوحة لفتنة ستأخذ في ‏طريقها كل ما أنجز على مستوى البلد وتذكرنا بحرب التحرير والإلغاء‎". 

وأكدت مصادر في الثنائي الشيعي لـ "اللواء" بأن مطالبة زوّار الرئيس برّي باعتذار علني وموثق لباسيل هو ‏اجتهاد شخصي منهم، وان الرئيس برّي وفقا لمصادر عين التينة لم يطلب ذلك، فالاعتذار غير كاف ويجب ‏محاكمته بتهمة الإساءة لرئيس المجلس والتحضير لفتنة‎.‎ 

الحريري‎ 
وازاء انفجار الصراع شارعياً بين الرئاستين الأولى والثانية، سارع الرئيس سعد الحريري للتحرك في اتجاه ‏قصر بعبدا للقاء الرئيس ميشال عون رغم انه كان أعلن ارجاء اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، مؤكدا انه ستكون ‏له مبادرة لتهدئة الاجواء، معتبرا ان البلد ليس بحاجة لا إلى تصعيد ولا إلى تأزيم‎. 

ثم أصدر الحريري لاحقا بياناً، بعد التطورات التي حصلت امام مركز ميرنا الشالوحي، مناشدا كافة المعنيين ‏العمل على تجاوز تلك العاصفة التي هبت على البلد وتدارك تداعياتها، خصوصا وان التحديات التي تواجهنا هي ‏أخطر بما لا يقاس من العنف اللفظي الذي نشهده‎. 

وأكّد ان كرامة رئيس الجمهورية، وكرامة رئيس المجلس هي من كرامة جميع اللبنانيين افراداً ومجموعات ‏وطوائف وان الإساءة لأي منهما بأي عبارة أو خطاب أو تصريح هي إساءة لنا ولمؤسساتنا وطوائفنا وسلوك ‏مشين ومرفوض يجب ان يتوقف‎.‎ 

بعبدا‎ 
في هذا الوقت، حرصت مصادر قصر بعبدا على استخدام عبارة "الصمت المطبق" ازاء الوضع الناشيء من ‏تسريب فيديو باسيل، وكان لافتا التحرّك الرئاسي السريع لاحتواء أي توقع في انفجار الوضع بين وزيري ‏الخارجية جبران باسيل والمال علي حسن خليل على خلفية ذلك، وهما من عداد أعضاء المجلس الأعلى للدفاع ‏الذي كان سينعقد قبل ظهر أمس، غير ان المصادر قالت ان تأجيل الاجتماع مرده إلى ان تحضيرات زيارة ‏الرئيس الالماني فرانك شتانماير لم تكن منجزة بعد‎. 

وكانت تصريحات الوزير باسيل بالصوت والصورة وما نتج عنها من ردّات فعل قد استدعت لقاء بين رئيس ‏الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي تحدث عن مساعٍ لمعالجة الوضع داعيا إلى التهدئة‎. 
وبعيدا عن الإعلام، كان لقاء الرئيس عون مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم‎. 

ومن الصدف، ان ما جرى تزامن مع زيارة الرئيس الالماني إلى بيروت وهو الذي أبدى اعجاباً بالتعددية الطائفية ‏في لبنان، واصفاً إياها بالميزة. والوزير باسيل الذي كان من ضمن عداد الوفد الرسمي في لقاء الرئيس الالماني لم ‏يشأ التعليق على ما جرى وعلى الرغم من انه كان محط الصحافيين، الا انه ظل يستمع إلى الأسئلة من دون جواب ‏حتىانه كان يتلقى عبر "ساعته الذكية" اخبار الساعة‎. 

وقالت مصادر مطلعة لـ"اللواء" ان الأمور ستكون قابلة لحلحلة وان مجلس الوزراء المرتقب إنعقاده الخميس في ‏قصر بعبدا لا يزال قائماً‎. 

وعن محادثات الرئيس الالماني في بقصر بعبدا أوضحت المصادر أن شتانماير الذي استغرب عدم مجيء أي ‏رئيس الماني من قبل إلى لبنان وانه أول رئيس لها يزور بيروت منذ 12 سنة، أشاد بالجهد الذي بذله الرئيس عون ‏في معالجة أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري وقال انه سيرفع قبعته للحكمة التي تحلى بها الرئيس عون لمعالجة ‏هذه الأزمة والتصرف حيالها‎. 

ولفتت المصادر إلى ان رئيس الجمهورية أبدى تقديره لوقوف المانيا إلى جانب لبنان وتأكيدها على المحافظة على ‏سيادته، كما في اهتمامها باللبنانيين الموجودين في المانيا على رغم الظروف التي يعيشها بعضهم‎.‎

صحيفة الشرق:
كلام باسيل أشعل الازمة و… الاطارات وقطع الطرقات

 اتخذ التصعيد السياسي والاعلامي غداة تسريب شريط فيديو لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل يصف ‏فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ"البلطجي" اعقبه تسجيل صوتي يقول فيه "بدنا نكسرلو راسو"، وجهاً بالغ ‏الخطورة ينذر بمضاعفات واسعة نظرا لاتخاذه منحى طائفيا، اذ رفع بما انطوى عليه وما اعقبه من ردات فعل ‏وتيرة التحدي الى ذروة غير مسبوقة‎.‎ 

وبدا واضحاً ان انفجار السجالات المباشرة بين نواب "التيار الوطني الحر " و"حركة امل" وضع المؤسسات ‏والمراجع الاخرى والحكومة تحديداً امام الاستحقاق الاصعب منذ تأليفها، فقد استعادت هذه السجالات، الاعنف ‏بين الفريقين، كل مناخ الاحتقان المزمن المعتمل بينهما، بينما طرحت مخاوف كبيرة على الوضع الحكومي الذي ‏سيكون الخميس المقبل امام اختبار حاسم مع انعقاد مجلس الوزراء، اذا لم تلقَ الجلسة المصير الذي لقيه اجتماع ‏المجلس الاعلى للدفاع امس، حيث اعلن عن ارجائه لتزامنه مع زيارة الرئيس الالماني فرانك فالتر شتاينماير، ‏علما ان الزيارة محددة منذ زمن وترتيباتها ايضا‎.‎ 

رئيسة قسم الكتائب
وجاء الارجاء، بعد انفجار السجال على خلفية شريط فيديو سربته رئيسة قسم الكتائب في محمرش - البترون ‏ريمي زاهي شديد، في لقاء عقده باسيل ضم ممثلي التيارات السياسية في البلدة تضمن مواقف عالية السقف ضد ‏الرئيس بري استتبعت بموجة غضب عارمة من فريق نواب كتلة "التنمية والتحرير" عبرت عنها مواقفهم التي ‏خرج بعضها عن الادبيات السياسية المعهودة. ولم تقف عند الحدود السياسية التي اشار اليها بيان حركة امل ‏المتضمن تهديدا ووعيدا اذ اعتبر ان "كلام باسيل دعوة مفتوحة لفتنة تذكرنا بحروب التحرير والإلغاء وندعو من ‏يعنيهم الامر لكبح جماح الرؤوس الحامية والواهمة وتدارك الأمور قبل فوات الاوان"، بل تعدتها الى الطائفية مع ‏دخول المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى على الخط مشيرا في بيان الى ان "تناول الرمز الوطني الرئيس بري ‏يأخذ البلاد الى فتنة داخلية"، محمّلا "العهد مسؤولية اثارة الاجواء الطائفية"، ومطالبا اياه باعادة الامور الى ‏نصابها‎".‎ 

اقتحام السفارة في شاطىء العاج
ووسط مخاوف من تحريك الشارعين الشيعي والمسيحي في إطار ردات الفعل الشعبية بعدما تحرك مناصرو ‏‏"امل" في ساحل العاج، فاقتحموا السفارة اللبنانية مرددين شعار "بالروح بالدم نفديك يا نبيه" وفق ما اظهر ‏شريط فيديو، عمد شبان من حركة امل بعد الظهر الى قطع طريق مار الياس امام مكتب التيار الوطني الحر ‏بالدواليب المشتعلة احتجاجا وتوجه اخرون الى نقطة بشارة الخوري، فيما تداعى المناصرون الى الاحتجاج في ‏الخامسة على طريق المطار وفي السادسة في منطقة المشرفية. وافادت مصادر عين التينة ان الرئيس بري اجرى ‏سلسلة اتصالات للتهدئة درءا للفتنة وطلب من المناصرين عدم النزول الى الشارع. واشار زواره الى ان الحل لما ‏جرى يكمن في تقديم باسيل الاعتذار من بري عبر وسائل الاعلام‎.‎ 

الرئيس حريص على التهدئة
وفي ما نقل عن مقربين من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لم يسلم من "رشقات نيران المتهجمين على ‏باسيل، "انه ليس طرفاً في أي سجال وهو حريص على التهدئة والاستقرار ويرصد ردّة الفعل حتى خواتيمها"، ‏اكدت مصادر سياسية مطّلعة لـ"وكالة الانباء المركزية" ان كاسحات "حزب الله" والرئيس الحريري والنائب ‏وليد جنبلاط، تحركت في اكثر من اتجاه لحصر تداعيات الشريط المسرّب ووضعه في إطاره المحدود في الزمان ‏والمكان، لمنعه من التأثير على عمل المؤسسات الدستورية عموما وعلى انتاجية الحكومة خصوصا‎.‎ 

الحريري والحزب: 
وفي هذا السياق، تدرج المصادر زيارة الرئيس الحريري الى قصر بعبدا امس حيث أكد بعد ‏زيارته رئيس الجمهورية أنّ "البلد ليس بحاجة إلى تصعيد وسأكمل جهودي من أجل التهدئة وقد تحصل بعض ‏المشاكل لكن نأمل حلحلة الأمور قريبا". وقال "ان شاء الله تتجه الامور الى التهدئة والايجابية، فالبلد ليس بحاجة ‏لا الى تصعيد ولا الى تأزيم. لقد سمعنا الكثير، وحصل اعتذار من قبل الوزير باسيل. فلندع الامور عند هذا الحد، ‏ومع الوقت نأمل ان تحصل التهدئة. وانا سأكمل جهودي في هذا الموضوع. وأرى ان من واجبنا ان نتطلع الى ‏شؤون المواطن اللبناني وسط الازمة الاقتصادية التي نمر بها، فهذا هو الاساس. واهدافنا جميعا، فخامة الرئيس ‏ودولة الرئيس بري وانا شخصيا ان ندير هذا البلد بأفضل طريقة لما فيه مصلحة المواطنين. تحصل في بعض ‏الامكنة مشاكل، وانا تحصل معي مشاكل معينة، يبقى المهم ان هناك مبادرة قريبة، أمل ان توصل الى حل"… ‏أما عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نوار الساحلي فأشار الى ان "كلام باسيل غير مقبول وما كان يجب أن يقال ‏ومن المؤكد ستكون هناك مبادرات للتهدئة"، كما أعلن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله ان "لدينا ‏قنواتنا للتواصل، ونأمل أن تعالج الأمور وأن نخوض الانتخابات بخطاب هادئ يجمع اللبنانيين‎".‎ 


المشنوق في عين التينة: وفي محاولة للتبريد، زار وزير الداخلية نهاد المشنوق عين التينة وقال بعد لقائه بري " ‏اتيت اناشده بالهدوء والترفع فوق الصغائر وعدم السماح لكلمات خاطئة صادرة عن اي كان بالمساس باستقرار ‏البلاد". وقال "كلام باسيل يجب ان يردّ عليه باعتذار لكل اللبنانيين ولا يجب ان تنقص باسيل شجاعة الاعتذار"، ‏مشيرا الى ان "الرئيس بري أكّد إحترامه لمقام رئاسة الجمهورية.

صحيفة الجمهورية:
 تسريبات الليل تُشعل دواليب الأزمة.. وكلّ الإحتمالات مفتوحة

عوّلَ اللبنانيون على اتفاق وقف إطلاق النار السياسي على الجبهة المفتوحة بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، ‏بعدما نجحت وساطات الأصدقاء في بدء سريانه نهار الأحد، إلّا أنّ ما سُمّيت "تسريبات الليل" محت اتفاق ‏النهار، وعادت وأشعلت فتيل الأزمة مجدداً وعلى نحوٍ غير مسبوق بين الطرفين. وضعُ البلد في الساعات الـ 24 ‏الماضية، أرخى بتداعياته على أكثر من مستوى، فأعاد خلط أوراقِ الأزمة كلّها ونصَب المتاريس أكثر فأكثر بين ‏أطرافها، فارضاً غلياناً على المستوى السياسي عموماً، وبين حركة "أمل" و"التيار الوطني الحر"، وبين ‏جمهوريهما اللذين تجيّشا كلٌّ لفريقه، وكان الشارع ساحة مواجهة وعرضِ عضلات، فتحرّكَ على وقعِ مضمون ‏التسريبات والتحرّكات الاعتراضية على هجوم رئيس "التيار" الوزير جبران باسيل على رئيس مجلس النواب، ‏وتُرجِمت التحرّكات بتجمّعات وقطعِ طرقات وحرقِ إطارات في الضاحية وبيروت والجنوب، وتوسّعت رقعتُها ‏لتمتد إلى سن الفيل عبر تنفيذِ مناصري"أمل" اعتصاماً وحرقَ إطاراتٍ بالقرب من مركزية "التيار" في سنتر ‏ميرنا شالوحي، وترافقَت مع هجوم عنيف على باسيل تناوَله في السياسي والشخصي، ومن دون أن توفّر عباراتُ ‏الهجوم رئيسَ الجمهورية، وأذكت هذه المواجهة الحربَ العنيفة الدائرة بين الطرفين والمتصاعدة على مواقع ‏التواصل الاجتماعي‎.‎ 

مرّت زيارة رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية فرانك فالتر شتاينماير والمحادثات التي اجراها مع رئيس ‏الجمهورية ميشال عون، كحدثٍ عابر، بفِعل الاشتباك السياسي الذي تصاعد بين حركة "أمل" والتيار الوطني ‏الحر، وتدحرجت احداثه بشكل كبير في الساعات الماضية ووضَع البلد على حافة ازمة سياسية خطيرة، ‏خصوصا وأنّ "المشاعر المتبادلة" بين الطرفين، تبدّت في اعادة نبشِ الذاكرة اللبنانية واستحضار مفردات ‏الحرب الاهلية التي اذاقت اللبنانيين الويلات، كلّ ذلك بدا أقوى من ايّ وساطة للتوفيق بين "أمل" و"التيار"، او ‏ايّ محاولة لإعادة مدّ الجسور المقطوعة بينهما، خصوصا وأنّ سقفَ المواجهة ارتفع بين الطرفين الى مداه ‏الاعلى، بإصرار عين التينة على اعتذار باسيل ليس من بري، بل من كل اللبنانيين، وهو الامر الذي يَرفضه باسيل ‏ويؤكّد "التيار" انه ليس في هذا الوارد‎.‎ 

تحرّك الحريري
وفي موازاة صمتِ رئيس الجمهورية الواضح حيال الأزمة المستجدة، وإنْ كانت مصادره تعكس استياءَه من ‏الشعارات والهتافات التي اطلِقت ضده، وتجاوَزت البعد السياسي الى الشخصي، بدا أنّ بري قد آثر الصمتَ ايضاً، ‏فيما استشعَر رئيس الحكومة سعد الحريري خطورةَ الأزمة فبادر الى زيارة سريعة للقصر الجمهوري، في ‏محاولة منه لصبّ الماء البارد على الفتائل المشتعلة، وفكفكةِ صواعقها، وتردّد انّه أوفد في الوقت نفسه وزير ‏الداخلية نهاد المشنوق الى وزارة الخارجية للقاء باسيل، ومن ثمّ الى عين التينة للقاء بري. ولم تخرج هذه ‏الاتصالات بأكثر من تصلّبٍ في الموقف‎.‎ 

وعلمت "الجمهورية" انّ الحريري، تواصَل هاتفياً بعد خروجه من قصر بعبدا مع الوزير علي حسن خليل، مُبدياً ‏رغبته في معالجة هذه الأزمة ولملمةِ الموضوع وتبريدِ الأجواء لِما فيه خدمة البلد واستقراره. ولم يشِر الى ‏ايجابيات حول لقائه مع رئيس الجمهورية‎.‎ 


وبحسب المعلومات، فإنّ نبرة الحديث خلال المحادثة الهادفية كانت عالية بعض الشيء، حيث أُبلغ الحريري فيها: ‏‏"لا احد يُصغّر هذه المسألة، أو ما جرى، فالمسألة ليست صغيرة بل كبيرة جداً، ولا تُحَلّ على طريقة تبويس ‏اللحى، وبداية الحلحلة هي في تقديم باسيل اعتذاراً علنياً مباشراً من اللبنانيين‎".‎ 

وتشير المعلومات الى أنّه بعد مضيّ فترة قصيرة على هذا الاتصال، أوفَد الحريري مدير مكتبه نادر الحريري ‏للقاء خليل، الذي اكّد التمسّكَ بالاعتذار قبل كلّ شيء، وأسمعَه ايضاً كلاماً عاليَ النبرة والمضمون مفادُه: "لا احد ‏يعتقد انّ هناك امكانيةً في البلد لقيام ثنائيات، أو لتجاوزنا، ومن يعتقد بوجود ذلك فهو مخطئ كثيرا‎".‎ 

عين التينة
وبدا من أجواء عين التينة أنه في ظلّ عدم مبادرة باسيل الى الاعتذار، فإنّ الامور مفتوحة على كلّ الاحتمالات، ‏وباب الخيارات ايضاً. في وقتٍ اعرَبت مصادر سياسية عن اعتقادها انّ هذا الجو المتأزم ستصيب شظاياه ‏الجميع، ولن يكون العهد بمنأى عن التداعيات، وكذلك الحكومة التي ستتأثّر حتماً بما يجري، ربّما بلجوءِ اطرافٍ ‏سياسية الى مقاطعتها أو حتى الاستقالة منها. ولم تنفِ المصادر او تؤكّد إنْ كان وزراء "أمل" في هذا الوارد‎.‎ 

وقالت مصادر عين التينة لـ"الجمهورية": "الوصول الى ايّ تسوية الآن بات على عاتقِ قواعد جديدة، وإنّ ‏معادلات السابق كلّها سقطت". واعتبَرت "أنّ الحديث عن شدّ العصب في الشارع هو تسطيح وتسخيف لِما ‏حصَل، فالمسألة باتت اكبرَ بكثير، إنّ استحضار لغة التحريض وافتعال هذا الجوّ التوتيري بشكل مفاجئ بعد هدنةٍ ‏اعلامية بين "التيار" و"أمل" ولو كانت هشّة لا يمكن تفسيرُه إلّا نيّاتٍ لتطيير الانتخابات، لكن اكّدنا لكلّ مَن ‏تواصَل معنا أنّنا بِتنا مصرّين على إجرائها في موعدها اكثر من ايّ وقت مضى‎".‎ 

وقالت: "واهمٌ من يعتقد انّ ما جرى سيمرّ مرور الكرام، وخطواتُنا ستعلَن في حينه، ولا قرار على مستوى ‏الحكومة، وكلّ شيء في أوانه". ونفت المصادر ان يكون "حزب الله" قد تدخّلَ او اطلقَ ايّ وساطة للتهدئة بين ‏‏"أمل" و"التيار" في الساعات الماضية التي سبقت كلام باسيل، وقالت: "إذا اتّصل بنا كيم جونغ اون، يكون قد ‏اتّصل بنا أحد من "حزب الله" لهذا الغرض، وقرار التهدئة لم يكن سوى طرحٍ وهمس بين الفريقين". وأكّدت ‏المصادر انّ الخطوات اللاحقة ستُعلَن في وقتها‎".‎ 

وإذا كان الجوّ المتأزم قد أثارَ علامات استفهام في أوساط سياسية مختلفة حول مصير الانتخابات، مع ترجيح ‏بلوغِ الوضع الى حدّ مِن التفجّر يؤدي الى تعطيلها، وهو امرٌ استبعده خليل، الذي قال لـ"الجمهورية": "واهمٌ مَن ‏يعتقد انّ هذه المسالة ستمر مرورَ الكرام، قد يكون هناك من يعمل لتعطيل الانتخابات، وقد يكون من يفترض انّ ‏هذه الأزمة ستؤدي الى تطييرها، فإنّ موقفنا واضح بأنّ هذه الانتخابات يجب ان تحصل، وستحصل‎".‎

"‎الحزب‎"‎
وغاب "حزب الله" عن خطّ الوساطة، إلّا أنّه حضَر على خط التضامن مع بري في بيان أعلنَ فيه رفضَه المسَّ ‏بالرئيس بري من ايّ كان‎. 
وقالت مصادر "حزب الله" لـ"الجمهورية: "لم يعد ينفع النأي بالنفس وسقَطت كلّ الوساطات بعد كلام باسيل، فما ‏حصَل لم يكن في الحسبان، والتعرّض للرئيس بري خط أحمر‎".‎ 

وعلمت "الجمهورية" أنّ أطرافاً سياسية أجرَت تقييماً لِما قاله باسيل في الشريط المسرّب من لقاء البترون، ‏فلاحظت انّ اللقاء لم يكن ضيّقاً، بل كان موسّعاً ومتاحاً فيه التسجيل، وأنّ ما دفعَ بري الى الاستياء ليس فقط ‏وصفه بـ"البلطجي" والتوعّد بـ"تكسير رأسه" على حدّ ما قال وزير الخارجية، بل المضمون السياسي الخطير ‏لهذا الكلام، الذي كشفَ النظرةَ الحقيقية لمفهوم المشاركة وكيفية كسرِها، وهنا الكلام ليس موجّهاً الى بري، ‏فالحديث عن "الذين صادروا خلال 25 سنة" وعن الاقتصاد وما الى ذلك، ليس مع بري، بل مع الذين حكموا البلد ‏خلال هذه الفترة، اي الرئيس رفيق الحريري‎.‎

"‎التيار‎"‎
في المقابل، بدا أنّ "التيار" قد بنى تحصيناته الدفاعية في وجه الهجوم العنيف على رئيسه ومطالبته بالاعتذار. إلّا ‏أنّ أوساطه أكّدت لـ"الجمهورية" الرفضَ القاطع لإقدام باسيل على الاعتذار‎.‎
وبينما زار باسيل المقرّ العام لـ"التيار" في سنتر ميرنا الشالوحي برفقة وزراء ونوّاب، أصدرَ "التيار" بياناً قال ‏فيه إنّ عناصر من "أمل" هاجَموا المقر العام "ورشقوه بالحجارة وأحرقوا الدواليب وأطلقوا النار، فاضطرّ ‏عناصر حمايةِ المقر الى الدفاع عن انفسِهم، واستدعوا الجيش الذي طوّق المكان‎".‎
ودعا مناصريه "الى عدم القيام بأيّ ردّات فعل في ايّ مكان وتركِ معالجةِ الامر للقوى الأمنية فقط"، كما طلب من ‏مسؤوليه "عدمَ التعليق الإعلامي على ما يجري من احداث وترك اللبنانيين يحكمون بأنفسهم‎".‎ 

إقتراحات حلول
إلى ذلك، كشَفت مصادر سياسية مراقبة لـ"الجمهورية" أنّ مجموعة أفكار لمخارج حلول تمّ تداوُلها في بعض ‏الغرف السياسية، وخلاصتُها‎:‎ 

‎- ‎أن يبادر باسيل الى زيارة عين التينة، وهذه الخطوة تُغني عن الاعتذار‎. 

‎- ‎تنفيس الاحتقان القائم عبر إعادة النظر في مرسوم الاقدمية وتوقيع وزير المال، إذ إنّ ما يجري هو امتداد ‏طبيعي لأزمة المرسوم‎. 

‎- ‎أن يتوجّه باسيل برفقة الرئيس الحريري الى عين التينة، وهذه الخطوة تُعَدّ مدخلاً أمام الحريري لاستعادة خط ‏الاتصال مع برّي الذي انقطع بسبب توقيعه مرسومَ الأقدمية‎.‎ 

مرجع أمني‎ 
وفي هذه الأجواء طمأن مرجع أمني الى أن لا خوف على الاستقرار، وتحرّكات الشارع محدودة، وقال ‏لـ"الجمهورية": "الأمور لن تتفاقم وتؤدي الى صدامات في الشارع، لأنّ الجميع يدرك مخاطرَ هذه اللعبة ‏وانعكاسَها على الجميع". وحصَر المرجع ما يَجري "في إطار ردّات الفعل المضبوطة، لأنّ الرئيس بري بالتحديد ‏هو أكثر من يُبدي حِرصه على الاستقرار الأمني‎".‎

صحيفة الديار:
 تسريب كلام باسيل مسيء جدا لبري محاولات للتهدئة والحل في اعتذار باسيل العلني‎ ‎لم يكن يجب النزول للشارع وقطع الطرقات‎

 اجتاز لبنان امس فتنة خطيرة بعد كلام تم تسريبه ولكن بالنتيجة هو على لسان ومنسوب لوزير الخارجية اللبنانية ‏جبران باسيل، حيث قال كلاما خارجاً عن اداب الكلام باتجاه رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري في خضمّ ‏محاولات كثيرة للتهدئة الاعلامية وحصول هدنة في مقدمات اخبار تلفزيون الـ ان. بي. ان. وتلفزيون الـ او. تي. ‏في منذ الخلاف على مرسوم منح ضباط 1994 سنة اقدمية‎. 

وبعد ظهور كلام الوزير جبران باسيل وانتشاره في وسائل التواصل الاجتماعي ادى هذا الكلام الى خضّة سياسية ‏كبيرة لان الكلام تجاوز الخطوط الحمر. وباتت كلمة "بلطجي" تستعمل لوصف رئيس مجلس النواب ورئيس ‏حركة امل الاستاذ نبيه بري، في سابقة خطيرة لانه عندما يقول وزير الخارجية الوزير جبران باسيل هذا الكلام ‏ضد رئيس السلطة التشريعية فماذا تقول الدول في الخارج وماذا تقول سفارات الدول الكبرى والعادية عندما تنقل ‏من بيروت كلاما عن وزير الخارجية والمسؤول عن وزارة خارجية لبنان في شأن هذا الهجوم على رئيس ‏السلطة التشريعية رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري‎. 

منذ اشهر ومنذ فترة والوزير جبران باسيل يستفز القادة السياسيين بخطابات وتصريحات عنيفة خارجة عن ‏المألوف، واصطدم الوزير جبران باسيل بالعدد الكبير من القيادات السياسية حتى الحلفاء منهم، فقال عن القوات ‏اللبنانية تعليقا على انتخابات الرئاسة وتأييد القوات اللبنانية لانتخاب الرئيس ميشال عون ان مشاركة حزب القوات ‏اللبنانية في انتخاب الرئيس ميشال عون اخرجهم من العزلة التي كانوا فيها وذلك بفضل التيار الوطني الحر. ‏وذهب الى بشري ليفتتح مركزا للتيار الوطني الحر دون لياقة الاتصال بحليفه حزب القوات اللبنانية‎. 

ثم انه بعد الانتخابات البلدية قال انه لن يجعل الوزير بطرس حرب يظهر على شرفة منزله. وادخل البلاد في ‏صراع على كل فاصلة ونقطة في شأن قانون الانتخابات النسبية والصوت التفضيلي لرسم دوائر الانتخابات على ‏قياسات وحسابات الوزير جبران باسيل‎. 
وطوال سنة و3 اشهر تصرف بصدام دائم مع قوى رئيسية وكان حزب الله من خلال ورقة التفاهم التي عقدها ‏العماد ميشال عون مع السيد حسن نصرالله يقوم بايجاد الحلول لخلافات الوزير جبران باسيل مع القيادات ‏السياسية، لكن الوزير جبران باسيل كان دائما ينطلق من خلاف الى خلاف‎. 

لكن ظهر في آخر مرحلة ان الوزير جبران باسيل يركز على الخلاف مع الرئيس نبيه بري شخصيا، ويوجه ‏انتقادات غير مباشرة له ولدوره في رئاسة المجلس النيابي وحتى داخل الحكومة مع وزراء حركة امل، وبشأن ‏المغتربين في الخارج حتى وصل الامر الى حصول انقسام مسيحي - شيعي في الخارج، بعد ان استعمل الوزير ‏باسيل وزارة الخارجية لضرب انجازات كبيرة وكثيرة قام بها الرئيس نبيه بري برعاية الجاليات اللبنانية في ‏الولايات المتحدة في ديترويت وخصوصا في افريقيا، ورغم ان المغتربين في افريقيا اكثريتهم من الجنوب اللبناني ‏فان الرئيس بري اعطى تعليمات دائمة بتسهيل مهمة الوزير جبران باسيل لكن الوزير جبران باسيل لم يأخذ هذا ‏الامر في عين الاعتبار، بل اعتبره ضعفا واستباح الجاليات واستباح انجازات الرئيس نبيه بري على صعيد ‏الاغتراب. ومع ذلك اكمل الرئيس نبيه بري اتصالاته مع الوزير جبران باسيل رغم شعوره بأن ما يقوم به الوزير ‏جبران باسيل من تصريحات واعمال تصب في خانة الاستفزاز لرئيس المجلس النيابي‎. 

اخيرا توقف الرئيس نبيه بري عن الاجتماع بالوزير جبران باسيل وجعل المفاوضات تستمر بين حركة امل ‏والتيار الوطني الحر عبر اجتماع الوزير جبران باسيل مع الوزير علي حسن خليل. ومع ذلك لم يستطع الوزير ‏علي حسن خليل الذي مارس مرونة كبيرة من التوصل الى قواسم مشتركة للتعاون بين حركة امل والتيار الوطني ‏الحر بل كان دائما يصطدم بمواقف وعناد من الوزير جبران باسيل خارج المألوف وخارج الاطار السياسي ‏المعتاد في التعاون او قواعد الخلاف بين الاحزاب‎. 

وبات الوزير جبران باسيل يعتبر ان تحالفه مع الرئيس سعد الحريري هو الاساس، وان اهم نقطة عنده هو ‏استمرار الخلاف بين الدكتور سمير جعجع والرئيس الحريري واقامة حلف بين التيار الوطني الحر وبين تيار ‏المستقبل وبالتحديد بينه - اي الوزير جبران باسيل والرئيس سعد الحريري‎. 

ثم في المرحلة الاخيرة وبعد التحضير للانتخابات النيابية قام الوزير جبران باسيل بطلب تعديلات على قانون ‏الانتخاب، ولو حصلت هذه التعديلات لادت الى تأجيل الانتخابات النيابية، فوقف الرئيس نبيه بري في وجه ‏اقتراحات التعديلات لان الرئيس بري مصر على اجراء الانتخابات في وقتها، كونها محطة اساسية لممارسة ‏الديموقراطية من قبل الشعب اللبناني، وبعد تمديد مرتين للمجلس النيابي‎. 

وهنا تجدر الاشارة الى ان فخامة الرئيس العماد عون كان دائما ضد التمديد للمجلس النيابي، لكن وهذا موقف يشهد ‏اللبنانيون للرئيس العماد ميشال عون عليه، لكن هذه المرة التعديلات التي طرحها الوزير جبران باسيل كادت ‏تطيح بالانتخابات النيابية، وتصرف الوزير جبران باسيل على قاعدة كأنه يحضّر لانتخابات رئاسة الجمهورية ‏المقبلة، وكيف يقوم بترتيب التحالف مع الرئيس سعد الحريري وقوى اخرى والحصول على كتلة نيابية كبيرة ‏تحضيرا لمعركة رئاسة الجمهورية، كأنه المرشح الجاهز لمنصب رئاسة الجمهورية‎. 

ومن خلال تحويل الملفات من قبل فخامة الرئيس ميشال عون الى الوزير جبران باسيل للمعالجة والتنسيق مع ‏حزب الله وحركة امل والرئيس سعد الحريري وبقية القيادات السياسية اصبح الوزير جبران باسيل يشعر بغرور ‏ادى به الى الوقوع بأخطاء كثيرة وبخلافات كبيرة مع اطراف رئيسية في البلاد‎. 

لم يفهم احد لماذا هذا الاصرار على الخلاف والاصطدام من قبل الوزير جبران باسيل مع رئيس المجلس النيابي ‏الاستاذ نبيه بري، واذا كان الرئيس نبيه بري قد بنى تراكما ايجابيا لقيادته ورئاسته للمجلس النيابي، فان دور ‏الوزير جبران باسيل هو في التعاون مع الرئيس بري وليس في خطة تشمل الساحة اللبنانية الى ساحات الاغتراب ‏للاصطدام بكل القرارات او الانجازات او الخطوات التي قام بها الرئيس نبيه بري‎. 
وفي نهاية الامر ابتعد الرئيس بري عن اي اتصال مع الوزير جبران باسيل لانه شعر ان الخلاف آتٍ وسيكبر، ‏وهو لا يريد ان يكبر الخلاف. وشعر ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يترك الوزير جبران باسيل ‏يتصرف على هواه، مع العلم ان العلاقة يجب ان تكون بين فخامة رئيس الجمهورية والرئيس نبيه بري رئيس ‏السلطة التشريعية على افضل حال، انما تصريحات واعمال الوزير جبران باسيل ادت الى تردي العلاقة بين ‏رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب‎. 

طفح الكيل في شأن اقتراح التعديلات التي قدمها الوزير جبران باسيل، فوقف الرئيس نبيه بري وقال "التعديلات ‏اصبحت وراءنا والانتخابات امامنا". ومع ذلك قال الوزير جبران باسيل انه قد يذهب للطعن بالقانون اذا لم تجر ‏التعديلات. لكن التهدئة قامت بها اوساط وخاصة حزب الله ادت الى تجاوز طلب التعديلات من قبل الوزير جبران ‏باسيل. وعندما حصلت الازمة مع الحريري في السعودية واتخذ العماد عون خطوات سيادية لاسترجاع رئيس ‏الحكومة سعد الحريري من الاحتجاز والاقامة الجبرية والزامه على الاستقالة قام الرئيس نبيه بري بزيارة قصر ‏بعبدا عدة مرات والتعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون متجاوزا ما حصل من تصريحات استفزازية ‏من الوزير جبران باسيل ضده، وعمل مع فخامة الرئيس على انهاء الازمة الكبيرة التي مر بها لبنان بسبب ‏استدعاء السعودية للرئيس سعد الحريري واجباره على الاستقالة ولولا موقف رئيس الجمهورية القوي ودعم ‏الرئيس نبيه بري له وتدخل واشنطن وباريس واوروبا لما انتهت قضية الرئيس سعد الحريري في السعودية ‏وكيفية عودته عن الاستقالة‎. 

تصريحات او تسريبات صدرت عن الوزير جبران باسيل بحق الرئيس بري وتضمنت كلاما خارجاً عن آداب ‏الكلام ومسيئة جدا كان لا بد للوزير جبران باسيل بعد ظهور الشريط والكلام عن لسانه بالصورة والصوت ضد ‏الرئيس نبيه بري بكلام مسيء للغاية من ان يقوم بالاعتذار. لكنه غاب عن السمع وغاب عن اي تفاوض سياسي ‏لمعالجة الازمة السياسية الكبرى التي نتجت عن مهاجمة وزير مسؤول في الدولة اللبنانية وهو وزير الخارجية ‏ضد رئيس مجلس النواب وهو رئيس السلطة التشريعية، والاساءة الى الرئيس بري من وزير الخارجية امام ‏سفارات الدول وعلى المستوى الخارجي كون الوزير جبران باسيل يمثل السياسية الخارجية للبنان وهو الذي ‏يتعاطى مع سفراء دول العالم في بيروت ويتعاطى مع السفراء اللبنانيين في الخارج‎. 

والصورة التي نتجت عن تصريحات الوزير جبران باسيل ضد الرئيس نبيه بري على المستوى الخارجي ‏والمستوى الدولي، تضامنت كتل ونواب كثيرة وجهات مع الرئيس نبيه بري ولم يعلن اي تصريح الرئيس بري ‏حتى ليل امس، لكن اذا كنا نريد حلاً يتضمن شجاعة المسؤول عن اعماله، فهو ان يقوم الوزير جبران باسيل ‏بالاعتذار عن كلمة "بلطجي" والكلمات التي رافقت هذه الصفة والمسيئة جدا الى شخص الرئيس نبيه بري، لانه ‏سواء كان الانسان مسؤولا او مواطنا عاديا، فآخر متراس يتراجع عليه هو متراس كرامته، لانه لا متراس ولا ‏حاجز بعد مسّ الكرامة، فما من تعويض في العالم يؤدّي الى اصلاح الاساءة الى كرامة شخص مسؤول او ‏مواطن، فكيف اذا كان الامر على مستوى رئيس حركة نضالية ناضلت طوال عقود من الزمن وترأست حركة ‏قاومت في الجنوب وعملت في ذات الوقت على الوحدة الوطنية وكذلك شخصية ترأست المجلس النيابي على مدى ‏دورات عديدة لرئاسة المجلس النيابي بحجم الرئيس نبيه بري‎. 

لم يعد يستطيع الرئيس نبيه بري التراجع والسكوت، ولم تعد تستطيع قيادة حركة امل التراجع عن مس كرامة ‏رئيسها، وحتى المجلس النيابي لم يعد يستطيع التراجع امام الوصول الى مس كرامة رئيسه، فقد يتراجع الرئيس ‏نبيه بري امام قرار في شأن التنقيب عن النفط في قطاع رقم 10 او رقم 5 او رقم 6، وقد يتراجع عن بعض ‏التعيينات وقد يتراجع عن مشروع يريد تنفيذه الوزير جبران باسيل في وزارة الطاقة وفق رغبته لكن الرئيس نبيه ‏بري لا يستطيع التراجع بعدما تم المسّ بكرامته، فماذا عند الرئيس بري بعد الكرامة الشخصية‎. 

فلا شيء يقوم بالتعويض له بعد ضرب كرامته بكلام مسيء بهذا الشكل وانتشاره على الساحة اللبنانية، وكان من ‏الواجب ان يقوم الوزير جبران باسيل بسرعة بلملمة الموضوع واعلان اعتذار علني منذ الصباح للشعب اللبناني ‏وبشجاعة المسؤول يعلن هذا الاعتذار وكانت القضية كلها انتهت ولم يتعرض لبنان الى قطوع اجتازه بفعل تدخل ‏كافة القوى ومع ذلك ادى الى ضرر في البلاد من اطلاق النار وقطع الطرقات والنزول الى الشارع‎. 

في المقابل، مع ان قيادة حركة امل اعلنت ان النزول الى الشارع والهجوم على مركز التيار الوطني الحر في سن ‏الفيل في مبنى الشالوحي وكذلك قطع الطرقات واطلاق الرصاص لم يكن بقرار مركزي، بل على العكس اعطى ‏بري توجيهاته وتعليماته لتهدئة جمهور حركة امل وعدم القيام بردات فعل في الشارع، وبالفعل ما ان كانت ‏الطريق يتم قطعها حتى يعاد فتح الطريق بعد نصف ساعة نتيجة التعليمات من بري‎. 

لكننا نقول انه في كل الاحوال ليس مسموحا ان تحصل ردة الفعل التي حصلت في الشارع من قطع طرقات ‏واطلاق رصاص والهجوم على مركز التيار الوطني الحر لان لبنان يجب ان يكون قد اجتاز هذه المرحلة، وكان ‏من المفروض من كل المسؤولين في حركة امل وضع كل طاقاتهم لالزام جمهور الحركة بعدم قطع الطرقات او ‏مهاجمة مركز للتيار الوطني الحر لان ذلك اساء الى الاستقرار في لبنان وجعلنا بلداً غير ديموقراطي وادى الى ‏اعطاء صورة عن اهتزاز الوضع الامني في لبنان ونحن في لبنان نتفاخر ويتفاخر الجميع بأن الاستقرار الامني ‏استطاع لبنان تأمينه والحفاظ عليه من خلال القوات المسلحة من جيش وامن داخلي واجهزة امن بقيادة مجلس ‏الدفاع الاعلى وكافة القوات المسلحة والوزراء المختصين حتى استطاع لبنان ان يكون اكثر امنا من فرنسا ومن ‏الولايات المتحدة ومن روسيا وبطبيعة الحال من مصر والدول العربية، وحتى من الدولة العدوة الديكتاتورية التي ‏تقمع بالقوة وبالوحشية كل شيء وهي اسرائيل فان امن اسرائيل يهتز كل يوم نتيجة انتفاضة الشعب الفلسطيني، ‏لكن لبنان في ظل حرب مستعرة في سوريا وعدوان اسرائيلي مستمر على الشعب الفلسطيني وهجوم تركي على ‏الاراضي السورية ووجود اميركي على الارض السورية دون مبرر وسبب بل هو احتلال اميركي ووجود قواعد ‏روسية في سوريا استطاع لبنان تأمين الاستقرار الامني وكان مثالا للدولة المستقرة امنيا ليس في المنطقة بل في ‏العالم كله‎. 

وان فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لعب دورا كبيرا في رعاية تأمين الاستقرار الامني في لبنان من ‏خلال موقعه لرئاسة الجمهورية او كرئيس لمجلس الدفاع الاعلى او اتصالاته المستمرة بالجيش والامن الداخلي ‏والاجهزة الامنية. ولا ننكر بقية الادوار ومنها دور الرئيس نبيه بري في هذا المجال، انما الذي حصل امس كان ‏قطوعا اجتازه لبنان ولا يجب ان يتكرر‎. 

فيجب ان نقول ان لبنان انتهى من مرحلة قطع الطرقات واحراق الدواليب واشعال مكعبات النفايات واطلاق ‏الرصاص والهجوم على مركز حزبي وتحريك عواطف مذهبية وطائفية لان هذا الامر شبع منه اللبنانيون ‏واصبحنا في بلد مستقر ولديه قواه العسكرية والامنية للحفاظ على الاستقرار‎.‎

صحيفة الأخبار:
 خطيئة الوزير: صهر لا يشبه الرئيس

ليست كافية الاحداث المتلاحقة امس كي تنبئ بفتنة او انهيار امني. أفصحت حقاً عن نذير بأحد ‏استحقاقين: تعريض النظام السياسي للسقوط، او المغامرة بالتلاعب بموازين القوى. لأن كليهما ممنوع ‏الآن، وقع الوزير في اكثر من المحظور. في خطيئة 

احال الفيديو المسرّب لكلام وزير الخارجية جبران باسيل عن رئيس مجلس النواب نبيه برّي خلاف رئيس ‏الجمهورية ميشال عون وبرّي اقرب الى ازمة وطنية، بعدما اقتصر مذ اندلاعه على كونه ازمة دستورية ‏تتصل بتباين تفسير كل منهما المادة 54 من الدستور وتوقيع وزير المال مرسوم منح اقدمية سنة لضباط. ‏كالنار في الهشيم، اسرع مما توقّع القائل ومما تلقف المقصود، انفجرت مشكلة وطنية كادت تتصف ‏بكيانية بين ما يمثله رئيسا الجمهورية والمجلس كل في موقعيه الدستوري والوطني، وما يمثلانه في ‏طائفة كل منهما‎.‎ 

ما نجم عن تسريب كلام باسيل ليل الاحد ــ عفوياً او متعمّداً وفي الغالب تشفياً منه ــ والتزام رئيس ‏الجمهورية الصمت طوال نهار امس، ثم تحرّك الشارع المؤيد لبرّي بغضب موصوف بينما رئيس المجلس ‏يلتزم الصمت ايضاً، من غير ان يستدرك احد من المسؤولين الآخرين، بدا ان ثمة ما قد ينذر بالاسوأ يضع ‏البلاد امام خطر حقيقي‎. 
في حصيلة ساعات طويلة بدأ من السهولة استخلاص درسين: اولاهما سهولة الاستخفاف بعلاقات ‏المسؤولين بعضهم ببعض الى حد توجيه نعوت غير لائقة تصل الى حد الاهانة المقصودة، غير مبرّرة ‏حتى. ثانيهما سهولة تحرّك الشارع او تحريكه ووضعه على حافة بركان‎.‎
‎ 
‎بالتأكيد بدا لافتاً ومثيراً للانتباه ان احداً من نواب تكتل التغيير والاصلاح، او اولئك القريبين من باسيل، كما ‏التيار الوطني الحر، لم ينضم الى السجال تنصّلاً مما سُرّب وفي احسن الاحوال خجلاً منه. مع ذلك، ‏فالكلام الذي قيل لم يكن مجرد وجهة نظر قالها فريق في فريق آخر. لم يكن ايضاً استدراجاً او استفزازاً. ما ‏لم يفعله كل من رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، احدهما حيال الآخر، في ذروة نزاعهما على المرسوم ‏وتشبّث كل منهما بموقف قاطع لا يتزحزح عنه، اقدم عليه وزير الخارجية في ملف لا يستحق هو مؤتمر ‏ابيدجان، ونحو مرجع يصعب التصويب عليه‎. 

لا يكتفي باسيل باتقانه اختيار اعدائه، من داخل تياره وخارجه، بل ايضاً احاطة نفسه بهم في وقت واحد: ‏هو خصم حزب الكتائب وتيار المردة، يمر في علاقة متردية مع القوات اللبنانية، من دون ان يهضم النائب ‏وليد جنبلاط علاقته به. يحمّل علاقته الموصوفة بالتعاون برئيس الحكومة سعد الحريري اكثر مما يحمّلها ‏الحريري نفسه وهو بالكاد يستطيع تنكّب خصومته مع حزب الله، مقدار اصراره على التحدّث مع الافرقاء ‏الآخرين جميعاً: يختلف مع جنبلاط ويصالحه، يغضب من سمير جعجع ولا يقطع الخيط بينهما، يضمر ‏امتعاضاً من النائب سامي الجميل ويظل متأهباً للحوار معه. يحمل في قرارة نفسه ذنب ترشيحه النائب ‏سليمان فرنجيه للرئاسة ثم تخليه عنه لكنه يحافظ على صداقته به. فوق ذلك كله يجد في رئيس ‏المجلس الرافعة التي يحتاج اليها، وفي رئيس الجمهورية ــ منذ خروجه من الاحتجاز في الرياض ــ ‏الحماية الدافئة‎. 

ما يصح على الحريري، ينطبق ايضاً على حلفائه هؤلاء، واحداً بعد آخر، في بناء تحالفات وعداوات. بين ‏هؤلاء خصومات، الا ان كلاً منهم يفتح نصف باب على آخر، كما بين المردة والقوات اللبنانية، وتيار ‏المستقبل والقوات اللبنانية، وجنبلاط وحزب الكتائب والقوات اللبنانية. بين حزب الله وكل من تيار ‏المستقبل وحزب الكتائب والقوات اللبنانية، والى حد جنبلاط، خلافات تبدو في الغالب غير قابلة للتذليل‎. 
على وفرة ما يجمع هؤلاء بعضهم ببعض، وبعضهم ضد بعض، ثمة مكان واحد لا يريد اي منهم ان يختلف ‏معه وفيه، او يزعله حتى. هو رئيس البرلمان. في عين التينة يحضر الرئيس امين الجميل، وجنبلاط او ‏موفدوه، وفرنجيه، وجورج عدوان باسم جعجع، ووزير الداخلية نهاد المشنوق باسمه كما باسم الحريري ‏ناهيك بالحريري نفسه. في هذا المكان لم يُتح لحزب الله ان يمون على صاحب البيت انتخاب عون رئيساً ‏للجمهورية، الا ان الرجل ترأس الجلسة وادار الانتخاب، عارفاً ان عون سيُنتخب حتماً رئيساً من غير ان ‏يؤيده. في وقت لاحق، قال ما بدا توقّعاً، الا انه امسى اشبه بنبوءة: ذهبنا الى جلسة انتخاب رئيس واحد ‏للجمهورية لا اثنين. قبل اشهر قليلة قال ما هو ابعد من ذلك، معبّراً عن مرارته: ذهبنا الى انتخاب الرئيس ‏عون، فانتخب آخر. اشارة صريحة الى دور صهر الرئيس وزير الخارجية، الآخذ في الانتفاخ‎. 

ليس الصهر الاول لرئيس للجمهورية في الحكم. اولهم عبدالله الراسي الى جانب الرئيس سليمان فرنجيه ‏من دون ان يصير وزيراً. ثانيهم فارس بويز الى جانب الرئيس الياس هراوي وزيراً طوال السنوات التسع. ‏ثالثهم الياس المر الى جانب الرئيس اميل لحود طوال اربع من السنوات التسع. قبل هؤلاء جميعاً ثمة ‏سابقة معكوسة لكن برّاقة وذات مغزى: ان يكون رئيس للجمهورية صهر احدى اهم الشخصيات ‏المسيحية الواعية المثقفة تقف في وجه الرئيس الصهر كي تحول دون تمديد ولايته. سقط الرئيس ‏الصهر. تلك حال الرئيس بشارة الخوري وشقيق زوجته ميشال شيحا. على مرّ قصص الاصهار اولئك، لم ‏يقل احد منهم او اوحى انه اكثر نفوذاً من الرئيس نفسه. لم يورّط اي منهم عمّه‎. 

أسف باسيل، اللاحق، عما قاله في حق رئيس المجلس لم يستدرك الخطأ. لم يكن ما قاله انزلاقاً، او زلة ‏لسان، كي يُصحَّح بأسف. في وقت لاحق على تسريب الفيديو ليل الاحد، وزّعت مواقع الكترونية النص ‏الكامل لكلام وزير الخارجية، بالصوت، قال فيه اكثر من "بلطجي". احد ما قاله "تكسير رأس...". واقع الامر ‏اتت نعوت باسيل في سياق عرض متكامل لما اعتبره رواسب الحقبة السورية، قال انه يريد التخلص منها ‏بعدما هضمت حقوق المسيحيين واستولت على الدولة. بيد انه اغفل ثلاثة آخرين كانوا في صلب الحقبة ‏تلك: حزب الله الذي هو حليف عمّه الرئيس لا حليف التيار الوطني الحر، الحريري الابن وارثاً من الحريري ‏الاب كل الدور والمكاسب، جنبلاط الحليف المستجد في دائرة الشوف ــ عاليه‎. 

ما حمله ردّ فعل حزب الله على كلام وزير الخارجية وانحيازه العلني الى برّي، مؤشران يعكسان خياريه‎: 

اولهما، ان ما يجعله مديناً لعون لا ينطبق بالضرورة على اي آخر في التيار الوطني الحر، بما في ذلك ‏رئيسه الذي لا يشبه رئيس الجمهورية‎. 

ثانيهما، ان الرئيس الحالي للمجلس هو الرئيس المقبل له بما يعنيه ذلك انه في صلب معادلة التوازن ‏الداخلي داخل الطائفة الشيعية، كما داخل لعبة التوازن بين المؤسسات الدستورية، فسّرها انحيازه الى ‏برّي وموقفه من مرسوم الاقدمية‎.‎

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى تركيا تغلق الحدود مع سوريا