"عقوبات" من نوعٍ آخر على لبنان تُهدِّده دوليًّا!

"عقوبات" من نوعٍ آخر على لبنان تُهدِّده دوليًّا!
"عقوبات" من نوعٍ آخر على لبنان تُهدِّده دوليًّا!

صحيحٌ كما "يتحجَّج" بعض المسؤولين اللبنانيين، أنّ الأزمات المالية والإقتصادية "بتصير بأحسنِ الدول"، بيد أنّ التعامل معها، يختلف بين بلدٍ وآخر. اليكم مثلاً "التجربة الإيطالية"، حيث صوَّت مجلس النواب الإيطالي لصالحِ إصلاحٍ دستوريٍّ يقضي بتقليصِ عددِ المقاعدِ في البرلمان بمقدارِ الثلثِ، وذلك بهدفِ تخفيضِ النفقاتِ.

أما في لبنان، البلد الغارق في الديون والذي يقترب أكثر الى الإفلاس، ويجول على الدول طالبًا الدعم المالي رافعًا لافتة "شكرًا" أينما ذهبَ، فيجلس على مقاعدِ "سلطتَيْه" التنفيذيّة والتشريعيّة 128 نائبًا و30 وزيرًا، القسم الأكبر منهم لا "يُشرِّع" ولا "يَحضَر" ولا "يعمَل"، وآخرٌ نسيَ حقيبته التي تسلَّمها من سلفه، ولا يزال خارج السمع! لكن بمجموعهم يتذكَّرون رواتبهم "الملياريّة" ويقبضون الأموال من دون أي تعبٍ أو جهدٍ... فأين التقشّف يا سادة؟! ربّما عليكم أن تتعلّموا إعداد "الطبق الايطالي التقشفي"، كما تتلذّذون في أكل "الباستا" الايطالية وتبرَعون في تحضيرها.

 

للأسف، اختارت لجنة الإصلاح الوزارية عددًا من الهيئات والقطاعات الأساسيّة، من أجل "حجبِها" و"تطييرها" من موازنة 2020 بدلَ دعمها، بحجّةِ "التقشّف"، على الرغم من أنّها كانت في وقتٍ من الأوقات بمثابة بقعة ضوءٍ في ملفات طارئة.

أسماء هيئات كثيرة انتشرت عبر وسائل الإعلام، بوجود نيّة لإلغائها، منها الهيئة الوطنيّة لحقوق الإنسان المُتضمِّنة لجنة الوقاية من التعذيب التي تم تشكيلها بناءً على المرسوم رقم 3267 تاريخ 19 حزيران 2018.

وبين التأكيد والنفي، وخصوصًا من قبل وزير المال علي حسن خليل، تستبعِد مصادر مطلعة، الغاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، لأنّ هكذا خطوة من شأنها أن "تخرق البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب التي يلتزم بها لبنان، ولا سيّما للمادة 17 منه التي توجب انشاء آلية وقائية وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب على المستوى الوطني، كما وتضرب إلتزامات الدولة اللبنانية بمعايير حقوق الانسان الدولية والإتفاقيات ذات الصلة".

من هنا، فإنّ أيّ الغاء لهذه الهيئة من شأنه أن يورِّط الدولة اللبنانية دوليًّا، وهي بغنى عن أيّ "عقوبات" من هذا النوع. وذلك بحسب المصادر، التي أشارت أيضًا، الى أنّ الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان لا تزال تنتظر موافقة مجلس الوزراء على اضافة باب خاص لها، الى مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2020، كما وأقسم أعضاؤها اليمين في 17 تموز 2019، أمام رئيس الجهورية العماد ميشال عون، لكنّهم لم يبدأوا مهامهم بعد بإنتظار اقرار مستلزمات عملهم.

وإذ تلفت المصادر، الى أنّ "أصدق نفي للموضوع يتمثّل في إقرار مستلزمات عملها لدحض الشائعات"، تعتبر، أنّ "هذه الهيئة كانت خشبة خلاصٍ بالنسبة الى المظلومين، هي التي بإمكانها أن تزور جميع مراكز حجز الحرية من دون إذنٍ مسبقٍ وبشكلٍ مفاجئٍ، للتدقيقِ في وضعِ السجناء والموقوفين، وتأمين حقوقهم الانسانية". مذكّرة، أنّ لبنان كان على اللائحة السوداء لولا اجراء عددٍ من الإصلاحات والتعديلات من ضمنها إنشاء هذه الهيئة. وهنا تكمن خطورة الغائها.

وتوقّفت، عند الجهود الكبيرة التي تبذلها وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن، في ملف السجون اللبنانية، لتأمين أبسط حقوقٍ للسجناء، تمامًا كالمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية التي حقّقت نقلة كبيرة على هذا الصعيد خصوصًا بعد أحداث رومية "الشهيرة"! معتبرةً، أنّ "الغاء الهيئة سيؤثّر سلبًا على هذه التحسينات والتطوّرات".

هذا وعارض عددٌ من السياسيّين، فكرة الغاء الهيئة، ومن أبرزهم رئيس "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ومفوضية العدل والتشريع في الحزب التي أصدرت بيانًا حذّرت فيه من السير بهكذا إجراء، تمامًا كما فعل عضو تكتّل "الجمهورية القوية" النائب جورج عقيص، وعضو تكتّل "لبنان القوي" النائب آلان عون، ورئيس لجنة حقوق الإنسان النيابيّة النائب ​ميشال موسى​ وغيرهم.

في حين، أكّد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، في معرض ردّه على الهجوم الذي يتعرَّض له العهد في هذا الإطار وتحديدًا من "التقدمي الاشتراكي"، أننا "كنّا وراء انشاء الهيئة الوطنية لحقوق الانسان ومن ضمنها اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب، وقد اقسم أعضاؤها اليمين امام فخامة الرئيس، ونحن من اقترحنا تعويضات اعضائها بمشروع مرسوم احلناه الى مجلس الوزراء ونحن من أصرّ على لحظ اعتماداتها في الموازنة".

أما وزير المال علي حسن خليل، فقد نفى ما ذكرته بعض وسائل الإعلام عن مطالبته بإلغاء الهيئة. موضحًا، أنّ ما قام به عكس ذلك، "فقد طالبت مجلس الوزراء، وهذا مدوّن، بإقرار فصلٍ خاصٍّ لها في الموازنة لتعزيز استقلاليتها".

ريتا الجمّال - ليبانون ديبايت

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى